للتواصل معنا 37492352

السبت، يوليو 14، 2012

ممانعة موريتانيا في وجه الربيع العربي\سيدي ولد أحمدفال


 
حين بدأت الشعوب العربية في التحرر والخروج على حكامها بدأ فكر التغير تراود الشباب الموريتاني أيضا، ففكر في النزول إلى الشارع وبدأت الدعوات على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" من أجل الخروج إلى الشارع ولم يصل يوم 25 فبراير إلا وقد تكاملت الصورة في الذهنية الشبابية، فكانت بداية الربيع الموريتاني الذي لم يتمكن لحد الآن من هز أركان النظام الموريتاني على غرار الحراك الذي شهدناه في دول الربيع العربي الأخرى.

أولا: بداية الحراك الموريتاني مع حركة 25 فبراير
شكلت حركة 25 فبراير البداية الفعلية للربيع الموريتاني، وقد استلهمت هذه الحركة من الربيع العربي في الدول الأخرى إمكانية التغيير عن طريق الثورة. وقد انطلقت هذه الحركة من عدة أهداف، ترى أنها ضرورية لإنقاذ البلاد من الوضع السياسي والاقتصادي الصعب الذي تتخبط فيه، وبناء على ذلك فقد رفع شباب حركة 25 فبراير مجموعة مكن المطالب نلخصها فيما يلي:
1-إقامة دولة ديمقراطية مؤسسية تكون فيه السلطة للشعب ولا وصاية فيها للعسكر، يحصل فيها الفرد الموريتاني على حقوق دون الحاجة إلى وساطة أي كان.

2- تعزيز الوحدة الوطنية وخلق لحمة حقيقية بين مكونات الشعب من خلال محاربة كافة أشكال العنصرية والتهميش والقضاء التام على الرق ومخلفاته وإيجاد تمييز إيجابي لصالح الفئات الأكثر هشاشة.

4- دعم الاسعار دعما يراعي قدرات الفئات الأكثر فقرا، وتوفير رعاية صحية في متناول الجميع.

5- إعطاء المرأة مكانتها اللائقة لتساهم في بناء المجتمع جنبا إلى جنب مع الرجل.

6- إصلاح التعليم، بحيث يكون تعليما يراعي حاجيات سوق العمل، وعملا يضمن العيش الكريم لصاحبه.

7- وقف النهب الممنهج لثروات البلاد وأرزاق العباد، واستغلالا أمثل لتلك الثروات.

8- دعم المجتمع المدني ليساهم بدور فعال في بناء الدولة وإصلاح المجتمع.

9- إقامة علاقة خارجية مبنية على خدمة وحماية مصالح البلد ومواطنيه، وكذلك على الاحترام المتبادل والتعاون بين البلدان.

لقد تشكلت حركة 25 من مجموة من الشباب الموريتاني من مختلف الشرائح والطبقات والتوجهات الفكرية والسياسية ، فهي لم تكن حركة إيديولوجية في اتجاه مذهب معين سواء في الاتجاه اليساري أو تجاه اليمين، مع أن البعض ينظر إليها على أنها حركة تضم مجموعة من الشباب اليساري والمتشبع بروح الثورة، لكن الواقع يفند ذلك، فهذه الحركة تضم جميع التيارات السياسية بمعنى أن المنخرطين فيها هم خليط من الشباب المنتمي لمجموعة من الأحزاب السياسية المختلفة، والشباب الغير المنتمي سياسيا (تكنوقراطي).
مع أن غالبيتها من الشباب المستقل، حيث يشدد أصحاب هذه الحركة على أنهم ليسوا تابعين لأي حزب أو تيار أو حركة سياسية أو إيديولوجية سواء اتفقوا معهم في الأفكار أو اختلفوا.
لقد قامت هذه الحركة بعدة مظاهرات طالبت فيها بإسقاط النظام، حيث رفع شباب هذه الحركة شعارات من قبيل: "الشعب يريد إسقاط النظام" "فليسقط حكم العسكر".
وقد كان التعامل الأمني مع هذه الاحتجاجات جازما لكن لم يصل إلى استعمال الرصاص الحي مثل ما حدث في بعض الدول، فقد كان قادة الأجهزة الأمنية حريصون على عدم سقوط ضحايا في صفوف المتظاهرين، خوفا من خروج الأوضاع عن السيطرة. ففي كل المظاهرات التي قادتها حركة من 25 فبراير إلى الآن، ودعت فيها إلى إسقاط النظام لم تسجل حالة وفاة واحدة في الاشتباكات التي كانت تدور رحاها في شوارع انواكشوط بين الشرطة والمحتجين، وهو ما ساعد النظام الموريتاني على إطالة أمد المواجهة وعدم إعطاء الفرصة لهذه الحركة من أجل كسب تعاطف أكرب في صوف الجماهير الموريتانية، كما أن النظام الموريتاني عمل على إحداث انشقاقات في صفوف حركة 25 فبراير وهو ما حصل بالفعل حيث استطاع النظام الموريتاني استمالة بعض الشباب، ليعلنوا انشقاقهم عن الحركة، لكن تلك الانشقاقات كانت محدودة.
ثانيا: دور المعارضة في الربيع الموريتاني
إن الحراك الموريتاني اختلف عن الحراك الذي شهده الربيع العربي في الدول الأخرى، حيث الربيع الموريتاني شهد تدخل المعارضة الممثلة في الأحزاب السياسية المنضوية تحت لواء "منسقية المعارضة".
وقد برز تحرك المعارضة من أجل "إسقاط النظام" بعد اتفاق الحزب الحاكم وبعض أحزاب المعارضة "المعتدلة" على حوار وطني رفضت أحزاب المعارضة الرئيسية المشاركة فيه بدعوى أن المبادرة المقدمة من طرف الحكومة تفتقر للجدية، وقد رفعت المعارضة من سقف المواجهة بعد الاتفاق المذكور، حيث دشنت سلسلة من الأنشطة الاحتجاجية ضد سياسات النظام ونظمت في مدينة "انواذيبو" ثاني أكبر المدن الموريتانية مهرجانا حاشدا تحت شعار " لالنهب خيرات البلاد" بهدف كشف ملفات الفساد وتحريك الشارع ورأت الأغلبية في سعي المعارضة لإقناع الشعب بأن أمواله مهدورة وثرواته منهوبة، محاولة يائسة لاستنساخ ثورات الربيع العربي وإلحاق موريتانيا بركبها، عن طريق التضليل والافتراء وتأويل الأحداث والتطورات بشكل مخالف للحقيقة.
وهكذا بدت المعارضة في تصعيد مواجهتها مع النظام الموريتاني، لتطالب بعد ذلك بإسقاط النظام وتدخل في مظاهرات وتنظيم اعتصامات مفتوحة في ساحة "مسجد ابن عباس" حيث عمدت قوات الأمن إلى تفريقها بالقوة من خلال الاستخدام الكثيف للقنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية والهراوات، كما استعانت قوات الأمن بسيارات تابعة للحماية المدنية من أجل إلقاء المياه الملوثة على المتظاهرين.
وفي ظل وضعية شد الحبل هذه بين النظام والمعارضة وفي ظل الوضع السياسي المتأزم، مع استمرار غياب مؤشرات الانفراج، تبقى الأوضاع في موريتانيا مفتوحة على كل الاحتملات، أكثرها ترجيحا كما يرى المراقبون تنامي الاحتجاجات وضغط المعارضة والإسلاميين وصولا إلى حالة من الثورة والغليان تنال خلالها البلاد نصيبها من الربيع العربي، وأقلها احتمالا تلبية مطالب الشراع، وفتح حوار مع المعارضة يمكن الرئيس محمد ولد عبدالعزيز من استكمال مأموريته الرئاسية بسلام، مع أن تأزم الوضع قد يؤدي إلى انقلاب عسكري يمكن أن يشكل في حالة حدوثه التفافا على مطالب المعارضة.
ولايتوقع المراقبون للمشهد السياسي الموريتاني إمكانية أن تقبل المعارضة الموريتانية التي تبدو متماسكة أكثر من أي وقت مضى ومتشبثة بمطالبها بحوار مع النظام الحاكم بعد أن أجهض هذا الأخير حوارا سابقا معها، وتجاهل مطالبها وأدار ظهره لمطالب الإصلاح والتغيير، واكتفى برتوش وإضافات تفتقد إلى الجدية، ولاترضي طموح الشعب الموريتاني المحاط بدول تعيش تغيرا حقيقيا.
فالمعارضة التي يشكل التيار الإسلامي جزءا أساسيا منها لاتثق بوعود النظام الحاكم بسبب تجاربها السابقة معه والتي تعتبر أنه استغلها لصالحه من أجل الترويج "لنهضة الديمقراطي" ورغبته في حوار مع المعارضة، وهي اليوم تصر قبل أي وقت مضى على التغير وإخراج العسكر من الحكم. 
لكن المراقبون يشككون في قدرة المعارضة الموريتانية على إسقاط النظام حيث يرون أن التيار الإسلامي ممثلا حزب "تواصل" وباقي أحزاب المعارضة الموريتانية فشلوا إلى حد الساعة في إلحاق موريتانيا بدول الربيع العربي، رغم الاحتجاجات التي تخللها أقدام بعض الشباب على إحراق أنفسهم على غرار ما وقع في الثورات العربية، والاعتصام لأسابيع في الساحات العامة على نحو لم يألفه الموريتانيون، وحدوث صدامات ومواجهات عنيفة بين المحتجين وأجهزة الأمن، ولكن ورغم هذه الظروف فإنا لمعارضة فشلت في التخطيط لثورة تطيح بالنظام، بل إنها أكسبته مناعة ضد "الربيع العربي" ومنحته الوقت لمعالجة بعض الملفات على عجل وكسر شوكة المتظاهرين، وتوجيه الإعلام الرسمي لتخويف الموريتانيين من انعدام الأمن والاستقرار، على غرار ما شهدته بعض الدول العربية بعد الثورات.
البريد الالكتروني: sidivall3@gmail.com

هناك تعليق واحد:

Wohnungsräumung Wien يقول...

Thanks for it .. I hope the new Topic is always