للتواصل معنا 37492352

الخميس، يونيو 21، 2012

في موريتانيا التقاليد والعادات.. بين الضوابط والطابوهات



سيدي ولد أحمدفال ولد أحمد سيدي/ طالب باحث في العلوم السياسية


الصورة الشخصية
لا ريب عندي أن كل موريتاني ومنذ بداية اتساع حقله المعرفي و بداية إدراكه للوسط المحيط تراكمت لديه تساؤلات عدية حول سبب زجر المحيطين به - ممن سبقوه خبرة وتجربة في الحياة- له وانزعاجهم في كل مرة يعجزون فيها عن تقديم جواب مقنع عن أسئلة يطرحها بكل براءة، بدافع من غريزته الآدمية المتطلعة إلي المعرفة والاكتشاف، فالإنسان ابن بيئته ويسعى دائما إلي اكتشافها عن طريق استعمال حواسه و مكتسباته النظرية، والتي يحاول البرهنة عليها عن طريق السؤال والتجربة. 
إن مثل هذه التصرفات الناهية والزاجرة - سواء كانت أقوالا أو أفعالا- التي تواجه بها تلك الأسئلة البريئة تساهم في كبت ملكة الإبداع لدى الشخص المطهد وتحول دون أي محاولة لاحقة للإكتشاف أو حتى الاستفسار، واضعة خطوطا حمراء يجب أخذها بعين الاعتبار في كل محاولة للخروج عن البعد الرابع المتمثل في الممنوع أو اللا مرغوب الذي رسمته طابوهات المجتمع. 
الشيء الذي تترتب عليه نتائج وخيمة على الحقل المعرفي والمعنوي للشخص، حيث أن مراكمة الخطوط الحمراء بعضها على بعض تجعل منها جدرانا وأسوارا حمراء تحول دون الاندماج السوسيولوجي السليم والسوي والمباشر، وتجعل من تأويل الأفعال وردود الأفعال المقابلة لها الهم الأوحد والشعل الشاغل لكل شخص متأثر بهاذ الفكر، ليتمسك بعد ذلك بأحكام فرضها علي نفسه وآمن بها وأضحت دستورا يتعامل به ويحتكم إليه في كل تعامل مباشر مع الغير. 
وكمثال على ما سبق حين يبادر أي طفل والديه بسؤال مباشر وصريح وبريء في نفس الوقت في إطار أنه يصعب أن يعرف المرء إلي أين يتجه إن لم يعرف من أين أتي: كيف ولدت ومن أين أتيت؟؟...فالجواب يكون مبهما وغامضا، أو يكون ناهيا وزاجرا، ففي الحالة الأولي حين يكون الجواب مبهما وغامضا لا يستطيع الطفل إشباع فضوله ورغبته في الإدراك مما يؤدي به إلى سؤال شخص آخر رما يصادفه في الشارع مثلا، ولا ننسى أن الطفل وهو في هذه المرحلة يكون على استعداد لاستقبال أي معلومة وتخزينها والعمل على أساسها فيكو ن الجواب الخاطئ أو غير المناسب جوهرا وصياغة مرجعا للطفل يبني على أساسه مفاهيم وأفكار عديدة سينوء المجتمع بعد ذلك
بحصاد ثمارها.
أما في الحالة الثانية فإن الجواب القمعوي يؤدي بالطفل إلى طي الملف والختم عليه بعبارة: "خطر الموت"، ليصبح الكلام بعد ذلك في هذا الموضوع لا في البيت ولا في القسم ولا مع الزملاء أمرا محرما وممنوعا لا يقبل النقاش. وزد على ذلك مواضيع عديدة كالدين والوجود والثقافة الجنسية وروح التمرد والثورة حيث أنه في بعض الحالات يصبح مجرد الخوض في هذه الأمور محرما مما يؤدي إلى الفهم السيئ وفي بعض الحالات عدم الفهم لبعض الأمور الأساسية في حياتنا اليومية والمعاشة بشكل مباشر على أرض الواقع، مما يتسبب في مشاكل جمة تلقي بضبابيتها على الأفق الاجتماعي لتظهر تبعا لذلك مشاكل اجتماعية خطيرة كقلة الوعي الديني الذي يؤدي في حالات عديدة إلى الشرك، والانطواء على الذات الراجع إلى خلل في الباء النفسي للشخصية، أو البرود الجنسي الراجع إلي عدم وجود ثقافة جنسية سليمة تكشف الغموض الذي لا يزال يحيط بهذا الطابو لحد الآن حتى أصبح مجرد الخوض والتساؤل فيه حرام، أضف إلى ذلك الانحراف واللا مسؤولية والتفكك الاجتماعي، وانعدام التواصل بين مختلف الأشخاص، وسوء الحكم علي الأشياء، وانعدام روح وفكر التمرد على أمور أكل عليها الدهر وشرب بدعوى أنها تقاليد وعادات أضحت من المسلمات التي تحكمنا، حيث جعلناها دستورنا ومسودة التعامل اليومي مع أنفسنا ومع غيرنا. 
لست بصدد تسفيه عادانا وتقاليدنا، كما أنني لست ضد وجود ضوابط وخطوط حمراء تمنع الانحلال الأخلاقي والتفكك الاجتماعي والانسلاخ من الهوية العربية الإسلامية التي تميز مجتمعنا الموريتاني والتي هي من دواعي فخرنا واعتزازنا، ولكنني ضد كل الطابوهات والأسوار التي تخبئ خلفها فراغات وبؤر سوداء تخرم أساس الباء الاجتماعي في الخفاء وتسعى إلى هدمه، وهو ما سيحدث لا محالة إن لم يتم تدارك الأمر الآن قبل فوات الأوان.

هناك 3 تعليقات:

Räumung يقول...

Allah grant you success all that is valuable .. Where new themes ?!

Entrümpelung يقول...

شكراً كتييييييير ع الموضوع .. :)

Umzug nach Luxemburg يقول...

شكراً على المجهود .. دمتم بود